وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی
وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی

الموت فی اللغة العربیة

الموت فی اللغة العربیة

الباحث : محمد طاهر قاسمی

الموت أجوَفُ واویٌّ، ومصدر لباب مات یموت موتًا علی زِنَة قال، یقول، قولًا؛ أو مصدر لباب مات یمات موتًا علی زِنَة خاف یخاف خوفًا؛ وعلی کل حال صیاغته من کلا البابین لا تغیر معناه؛ بل معناه واحد، کما فی التالی:

1 - مات الإنسان یموت موتًا، فهو میِّت - ویقال فی تخفیف میِّت: مَیْت - والجمع: میِّتون ومَیْتون وأموات وموتی.

ویقال فی الإسناد إلى الضمائر: مُتَّ ومُتنَا - بضم المیم - ویقال للأنثى: بکسر التاء، واسم المرة الموتة، والممات مصدر میمی بمعنى الموت.

 

2 - مات یمات موتًا: لغة فی مات یموت موتًا، وهو فی زنة خاف یخاف خوفًا، ویقال عند الإسناد إلى الضَّمائر: مِتُّ ومِتنَا، ومِتُّ ومِتُّم - بکسر المیم[1] - ومنه قوله تعالی: ﴿ قَالَتْ یَا لَیْتَنِی مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَکُنْتُ نَسْیًا مَنْسِیًّا[2].

ولکن الفرق بینه وبین باب (قال) و(خاف) أنَّ الفاعل منهما یأتی علی زنة فاعل نحو: (قائل) و(خائف) وأما باب (مات) لا یأتی فاعله علی هذا الوزن بل یأتی علی زنة (میِّت) لا مائت وإن کان أصله کذلک، إلا أنه لا یستعمل.

 

معناه: (ماتَ یَمُوتُ ویَماتُ ویَمیتُ، فهو مَیْتٌ ومَیِّتٌ) ضِدُّ حَیٍّ، ویأتی بمعنی: (سَکَنَ)، و(نامَ)، و(بَلِیَ)، والْمَیْتَةُ: مالم تلْحَقْه الذَّکاةُ، والمِیْتَةُ: للنوعِ، والمُواتُ کغُرابٍ: ما لا رُوحَ فیه، المَواتُ کسَحابٍ: وأرضٌ لا مالکَ لها، والمَوَتانُ بالتحریکِ: خِلافُ الحَیوانِ، أو أرضٌ لم تُحْیَ بعدُ.

واسْتَمات: ذَهَبَ فی طَلَب الشیءِ کُلَّ مَذْهَب، وسَمِنَ بعدَ هُزالٍ، والمَصْدرُ: الاسْتماتُ، والمُسْتَمیتُ: الشُّجاعُ الطالِبُ للمَوْتِ، والمُسْتَرْسِلُ للأَمْرِ...[3].

ومن أسمائه: (الْمَنُون) و(الْمَنَا) و(الْمَنِیَّةُ) و(الشَّعُوبُ) و(السَّامُ) و(الْحِمَامُ) و(الْحَیْنُ) و(الرَّدَى) و(الْهَلاکُ) و(الثُّکْل) و(الْوَفَاةُ) و(الْخَبَال)[4].

قال الجوهریُّ[5] رحمه الله تعالی: "الموتُ: ضدُّ الحیاة"[6].

 

الموت فی الاصطلاح:

هو: مُفَارَقَةُ الرُّوحِ لِلْجَسَدِ[7].

قال الغزالی رحمه الله تعالی: "وَمَعْنَى مُفَارَقَتِهَا لِلْجَسَدِ انْقِطَاعُ تَصَرُّفِهَا عَنِ الْجَسَدِ بِخُرُوجِ الْجَسَدِ عَنْ طَاعَتِهَا"[8].

یزعم بعضُ الناس: أنَّ الموت عبارة عن العدم، بمعنی: إذا مات الإنسان لا یعاد بعدُ؛ بل ینعدم مثلَ البقول والأشجار وسائر النباتات، وبعضهم یزعم: بأن الإنسان إذا مات یعاد الروح فقط؛ لأن العظام البالیة لا یمکن إعادتها مرة ثانیةً؛ فهذا کله باطل؛ لأنَّ هذه العقیدة کانت عقیدة المشرکین والدهریین لأنهم یزعمون کما یحکی الله تعالی عنهم:

﴿ وَکَانُوا یَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَکُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِینَ وَالْآخِرِینَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِیقَاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ[9]، وأیضًا قال الله حاکیًا قولهم: ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَکُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنَّمَا هِیَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ یَنْظُرُونَ * وَقَالُوا یَا وَیْلَنَا هَذَا یَوْمُ الدِّینِ * هَذَا یَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِی کُنْتُمْ بِهِ تُکَذِّبُونَ * احْشُرُوا الَّذِینَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا کَانُوا یَعْبُدُونَ[10].

 

فعلم ممَّا قالوا أن بالموت انتهی کل شیء، والحقُّ أنَّ الله ردَّ علیهم بأنه یحییهم - مرة ثانیة - ویبعثهم ویَحشرهم، رغم أنهم ینکرون ذلک!

 

فثبت ممَّا تقدَّم بطلان معتقدهم فی شأن زعمهم أنَّ بالموت ینتهی کل شیء، وأن الموت هو العدم، فقُرِّر بأنَّ الموت لا یکون إلا تغییرًا وتحویلًا للإنسان من حال إلی حال، وانتقال مِن دار إلی دار، کما قال القرطبی رحمه الله تعالی:

"الموت لیس بعدَم مَحض ولا فناء صرف؛ وإنَّما انقطاع تعلُّق الروح بالبدن، ومفارقته وحیلولة بینهما، وتبدُّل حال، وانتقال من دار إلى دار"[11].

 

ویصِل الإنسان إلی الحیاة الأبدیَّة؛ لأنَّ هناک خلودًا لا موتًا، وإذا کان الإنسان صالحًا تکون هذه الحیاة هنیئةً له، وإن کان طالحًا تکون هذه الحیاة عذابًا وعقابًا له، ویتمنَّی أن لا تکون له مثل هذه؛ بل یتمنَّی أن یصبح ترابًا؛ حیث یحکی الله أمنیتهم:

﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاکُمْ عَذَابًا قَرِیبًا یَوْمَ یَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ یَدَاهُ وَیَقُولُ الْکَافِرُ یَا لَیْتَنِی کُنْتُ تُرَابًا[12].

ولأنَّ الله تعالی ما خلق الإنسان عبثًا وهملًا؛ بل کلفه وأعطاه عقلًا وکلفه، لیقوم بأمور دینه ودنیاه ولحاضرته وآخرته.

فثبت أیضًا أنَّهم یُبعثون بالروح والجسد، والموت لا یعدم الجسد کی لا یعاد، بل إن الله قادرٌ علی خلقه وإحیائه مرةً ثانیة، کما خلقها أول مرة؛ لأنَّ الله تعالی علی کل شیء قدیر، قال الله تعالی فی جوابهم:

﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِیَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ یُحْیِ الْعِظَامَ وَهِیَ رَمِیمٌ * قُلْ یُحْیِیهَا الَّذِی أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِکُلِّ خَلْقٍ عَلِیمٌ [13].

 

بل الإعادة أسهَل مِن الخلق بدایةً - کما لا یَخفی علی العاقل - إذ إنَّ مَن قدر علی الخلق بدایةً، فهو قادر علی الإعادة طبعًا.

 

وفی النِّهایة الموت لا ینکره أحد، سواء اعتقد بالله أو لم یعتقد؛ لأنَّ الموت حقیقة لا تُنکَر، یراه کلُّ أحد ویذوقه بلا اختیار، ویأتی الإنسانَ بغتةً، ولا یعلم أحد متی یأتی؛ فی الیقظة أو المنام، فی الحضَر أو السَّفَر، فی النهار أو اللیل، فی الطاعة أو المعصیة... ولا یستطیع أحد أن یصرف عنه وعن غیره، قال الله تعالی:

﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِینَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْکُمْ وَلَکِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ کُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ[14].

 

ولا بدَّ للإنسان العاقل أن یستعدَّ لهذا ولما بعده؛ حیث قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: ((الکَیِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِمَا بعدَ المَوتِ، والعَاجِزُ مَنْ أتْبَعَ نَفْسَهُ هَواهَا وَتَمنَّى عَلَى اللهِ))[15].

 

ولا شک أنَّ الموت مِن علامات الساعة، وأول مشهد مِن مشاهد الآخرة؛ بل هو القیامة الصغری؛ لأن مَن مات فقد قامت قیامته.



[1] راجع: مخطوطة الجمل معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (م وت)، (4/ 283)، الهیئة المصریة العامة للکتاب، مصر، الطبعة: الأولى، 2003 2008 م، عدد الأجزاء: (5).

[2] سورة مریم: (23).

[3] راجع: القاموس المحیط؛ لمجد الدین أبی طاهر محمد بن یعقوب الفیروزَابادی (المتوفى: 817هـ)، مادة: (م وت)، (ص 160)، تحقیق: مکتب تحقیق التراث فی مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعیم العرقسُوسی، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزیع، بیروت لبنان، الطبعة: الثامنة، (1426 هـ 2005 م)، عدد الأجزاء: (1).

[4] الموسوعة الفقهیة الکویتیة، مادة: (م وت)، (39/ 248)، صادر عن: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة الکویت، عدد الأجزاء: (45 جزءًا)، الطبعة: (من 1404 1427 هـ)، (الأجزاء 1 23: الطبعة الثانیة، دارالسلاسل الکویت)، (الأجزاء 24 38، الطبعة: الأولى، مطابع دار الصفوة مصر)، (الأجزاء 39 45: الطبعة الثانیة، طبع الوزارة).

[5] الجوهری (؟ 393 هـ = ؟ 1003 م)، هو: إسماعیل بن حماد الجوهری، أبو نصر، أول مَن حاول (الطیران) ومات فی سبیله. لغوی، من الائمة، وخطه یذکر مع خط ابن مقلة، أشهر کتبه (الصحاح) مجلدان، وله کتاب فی (العروض) ومقدمته فی (النحو)، أصله من فاراب، ودخل العراق صغیرًا، وسافر إلى الحجاز فطاف البادیة، وعاد إلى خراسان، ثم أقام فی نیسابور، وصنع جناحین من خشب وربطهما بحبل، وصعد سطح داره، ونادى فی الناس: لقد صنعتُ ما لم أسبق إلیه وسأطیر الساعة، فازدحم أهل نیسابور ینظرون إلیه، فتأبط الجناحین ونهض بهما، فخانه اختراعه، فسقط إلى الأرض قتیلًا.

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ لشمس الدین أبی عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَایْماز الذهبی (المتوفى: 748هـ)، (17/ 80 - 82)، المحقق: مجموعة من المحققین بإشراف الشیخ شعیب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1405 هـ = 1985 م، عدد الأجزاء: (25) (23، ومجلدان فهارس)، و"الأعلام"؛ للزرکلی (1/ 313).

[6] الصحاح تاج اللغة وصحاح العربیة؛ لأبی نصر إسماعیل بن حماد الجوهری الفارابی، (المتوفى: 393هـ)، مادة: (م وت)، (1/ 266)، تحقیق: أحمد عبدالغفور عطار، دار العلم للملایین بیروت، الطبعة: الرابعة 1407 هـ‍ 1987 م، عدد الأجزاء: (6).

[7] مغنی المحتاج إلى معرفة معانی ألفاظ المنهاج؛ لشمس الدین، محمد بن أحمد الخطیب الشربینی الشافعی (المتوفى: 977هـ)، (2/ 3)، دار الکتب العلمیة، الطبعة: الأولى، 1415هـ 1994م، عدد الأجزاء: (6).

[8] إحیاء علوم الدین، لأبی حامد الغزالی، (4/ 494).

[9] سورة الواقعة: (47 - 50).

[10] سورة الصافات: (16 - 22).

[11] "التذکرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"؛ للقرطبی، (ص 111، 112).

[12] سورة النبأ: (40).

[13] سورة یس: (78، 79).

[14] سورة الواقعة: (83 - 87).

[15] أخرجه الحاکم فی المستدرک على الصحیحین، رقم الحدیث: (7639)، (4/ 280)، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وقال: صحیح على شرط البخاری ولم یخرجه، وقال الذهبی علیه: "صحیح"، وأخرجه الترمذی فی سننه، واللفظ له، رقم الحدیث: (2459)، (4/ 638) وقال: حسن، وأخرجه ابن المبارک فی الزهد، رقم الحدیث: (171) (1/ 55)، والطیالسی رقم الحدیث: (1122)، (ص 153)، وأحمد رقم الحدیث: (17164)، (4/ 124)، وابن ماجه رقم الحدیث: (4260)، (2/ 1423)، وأبو نعیم فی الحلیة (1/ 267)، والبیهقی السنن الکبرى (3/ 369، رقم 6749)، والطبرانی فی المعجم الکبیر (7/ 281، رقم 7141)، وأخرجه البزار (8/ 417 رقم 3489)، والقضاعی (1/ 140، رقم 185)، وابن أبی عاصم فی الزهد (1/ 38)، والدیلمی (3/ 310، رقم 4930).

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/120466/

نظرات 0 + ارسال نظر
امکان ثبت نظر جدید برای این مطلب وجود ندارد.