وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی
وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی

علامات الساعة الکبری (الأرضیة)

علامات الساعة الکبری (الأرضیة)

الباحث: محمد طاهر قاسمی


العلامة الأولی: تسییر الجبال:

المراد بالجبل: کل ما ارتَفع عن الأرض إذا عظم وطال، وجمعه علی جبال"[1].

 

وقال ابن منظور رحمه الله تعالی: "الجَبَل اسم لکل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِیب[2] وأمَّا ما صغُر وانفرد فهو من القِنان والقُور[3] والأَکَم[4]، والجمع: أَجْبُل وأَجْبال وجِبال"[5].

 

وجعل الله الجبالَ من الآیات التی تنظر ویُتفکَّر ویتدبَّر فیها، قال الله تعالی:

﴿ أَفَلَا یَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ کَیْفَ خُلِقَتْ ﴾ -... - ﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ کَیْفَ نُصِبَتْ[6].

 

وأثنی الله تعالی على نفسه فی کلِّ شیء صنَعه، ومنها الجبال بالإتقان؛ حیث یقول الله تعالی:

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِیَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِی أَتْقَنَ کُلَّ شَیْءٍ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ[7].

 

فإذا أراد الله تعالی انتهاءَ هذا النِّظام بقیام الساعة، سیجعل تسییر الجبال مِن علامتها الکبری، قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ[8].

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... فبینما هم کذلک، إذ وقعت الجبالُ على وجه الأرض، فتحرَّکتْ واضطربت واحترقت، وفزِعتِ الجنُّ إلى الإنس، والإنس إلى الجنِّ..."[9].

 

وقال ابن عباس رضی الله تعالی عنهما ومجاهد رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ} "ذهبت عن وجه الأرض"[10].

 

وقال أبو اللیث السمرقندی والقرطبی رحمهما الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ} "قُلعت عن الأرض وسُیِّرت فی الهواء"[11].

 

واستدلًا بقوله تعالی: ﴿ وَیَوْمَ نُسَیِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً...[12].

قال ابن کثیر رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ ﴾ "زَالَتْ عَنْ أَمَاکِنِهَا ونُسِفتْ، فَتَرَکَتِ الْأَرْضَ قَاعًا صَفْصَفًا.

 

کأنه استدلَّ بقوله تعالی: ﴿وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ یَنْسِفُهَا رَبِّی نَسْفًا * فَیَذَرُهَا قَاعًا[13] صَفْصَفًا[14] * لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا[15].

 

وقال البغوی وابن قتیبة[16] رحمهما الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ ﴾ قالا: "عَن وَجْهِ الْأَرْضِ فَصَارَتْ هَبَاءً منبثًّا"[17].

 

کأنهما استدلَّا بقوله تعالی: ﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَکَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا[18].

 

هولاء کل واحد منهم فَسَّر تسییر الجبال بمرحلة مِن مراحلها، والحق أن لتسییر الجبال مراحل، وإلیک بیان مراحله:

الأول من مراحل التسییر، تسییر الجبال من الحجارة بالکثیب المهیل، قال الله تعالی:

﴿ یَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَکَانَتِ الْجِبَالُ کَثِیبًا مَهِیلًا[19].

 

والمرحلة الثانیة من مراحل التسییر، تصبح بعد ذلک کالعِهْن المنفوش، کما قال الله تعالی:

﴿ وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ[20]، وقال تعالی:﴿ یَوْمَ تَکُونُ السَّمَاءُ کَالْمُهْلِ * وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ[21].

 

والمرحلة الثالثة من مراحله، تصبح بعدها بسًّا وهباء منبثًّا ومنثورًا، قال الله تعالی:

﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَکَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا[22].

 

والمرحلة الرابعة - بعد ذلک - تصبح الجبال سرابًا، قال الله تعالی:

﴿ وَسُیِّرَتِ الْجِبَالُ فَکَانَتْ سَرَابًا[23].

 

وفی النهایة بعد نَسْف الجبال، تصبح الأرض قاعًا صفصفًا لا ترى فیها عوجًا ولا أمتًا، کما قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ[24]، وقال تعالی: ﴿ وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ یَنْسِفُهَا رَبِّی نَسْفًا * فَیَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا[25].

 

وقد أشار العلَّامة القرطبی رحمه الله تعالی إلی هذه المراحل بقوله: "سَیْرُهَا تَحَوُّلُهَا عَنْ مَنْزِلَةِ الْحِجَارَةِ، فَتَکُونُ کَثِیبًا مَهِیلًا، أَیْ: رَمْلًا سَائِلًا وَتَکُونُ کَالْعِهْنِ، وَتَکُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَتَکُونُ سَرَابًا، مِثْلَ السَّرَابِ الَّذِی لَیْسَ بِشَیْءٍ، وَعَادَتِ الْأَرْضُ قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أمتا"[26].

 

والعلامة الثانیة: تعطیل العشار:

والمراد بالعِشار من الإبل: هی الحوامل، واحدتها: (عشراء)، وهی: التی أتى علیها فی الحمل عشرة أشهر، ثم لا یزال ذلک اسمها حتى تضع وبعدما تضع[27].

 

ومِن أمارات قرب الساعة تعطیل العشار، قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ[28].

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ قال: أهملها أهلُها..."[29].

 

وقال مجاهد رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "سُیِّبت: تُرِکت"[30].

 

وقال الثعلبی[31] رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "عُطِّلَتْ سیِّبتْ وأُهملتْ، ترَکها أربابُها وکانوا لأذنابها فلم تُرکب ولم تُحلب، ولم یکن فی الدنیا مال أعجب إلیهم منها؛ لإتیان ما یشغلهم عنها"[32].

 

نعم، عند ذلک یَنسی المرء ما لدیه من أعزِّ أمواله لشدَّة الأهوال، ویترک العشار و... ویهمل ما کان عنده من المواشی والأموال هکذا.

 

العلامة الثالثة: حشر الوحوش:

الوحوش: جمع الوحش.

والمراد بالوحش: "هو حیوان البرِّ الذی لیس فی طبعه الاستئناس ببنی أدم"[33].

 

ومِن العجائب التی تَحدث فی ذلک الوقت حَشْر الوحوش والطیور ومن الصحاری والجبال والغابات و... علی خلاف الطَّبع مع البعض الذی کان یفرُّ منه من قبل؛ وذلک لشدَّة الهول، قال الله تبارک وتعالی:

﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ[34].

 

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... واختلطت الدوابُّ والطَّیرُ والوحش، وماجوا بعضهم فی بعض ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: اختلطت..."[35].

 

قال ابن عباس رضی الله تعالی عنهما فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: "حَشْرُ البهائم: موتها، وحشر کل شیء: الموت، غیر الجنِّ والإنس، فإنهما یوقفان یوم القیامة"[36].

 

وقال عکرمة رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "حشرها: موتها"[37].

 

وقال أبو اللیث السمرقندی رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "جُمِعَتْ"[38].

 

وقال الرَّبِیع بن خُثَیم[39] رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "قَالَ: أَتَى عَلَیْهَا أَمْرُ اللَّهِ"[40].

 

والحقُّ أن کلَّ مفسِّر أشار فی تفسیره إلی مرحلة مِن مراحل حشر الوحوش وعاقبتها، کما عرفت ممَّا تقدم أنَّ من قال: بالاختلاط، هذه فی البدایة، ثمَّ تموت وبعد الموت یکون جمعُها وذلک لإقامة القصاص بینها؛ لأن الحشر یأتی علی المعانی المذکورة.

 

وأشار الطبریُّ رحمه الله تعالی إلی الجمع بین الأقوال بقوله: "وأولى الأقوال فی ذلک بالصواب قول مَن قال: معنى حُشرتْ: جُمعتْ، فأمیتت لأن المعروف فی کلام العرب من معنى الحشر: الجمع، ومنه قول الله: ﴿ وَالطَّیْرَ مَحْشُورَةً ﴾، یعنی: مجموعة، وقوله: ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴾، وإنَّما یحمل تأویل القرآن على الأغلب الظاهر من تأویله، لا على الأنکر المجهول"[41].

 

العلامة الرابعة: تسجیر البحار:

البحر، جمعه بحار وأبحر وبحور.

والمراد بالبحر: "الماء الکثیر ملحًا کان أو عذبًا، وقد غلب على الملح حتى قل فی العذب"[42].

 

إن الله سخَّر البحار والأنهار للإنسان لتجری الفلک فیها بأمره ولیبتغوا من فضله، قال الله تعالی:

﴿ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَکُمْ وَسَخَّرَ لَکُمُ الْفُلْکَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَکُمُ الْأَنْهَارَ[43]، وقال تعالی: ﴿ وَهُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْکُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِیًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْکَ مَوَاخِرَ فِیهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ[44]، وقال تعالی: ﴿ اللَّهُ الَّذِی سَخَّرَ لَکُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِیَ الْفُلْکُ فِیهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ[45].

 

وإنَّ الله أحلَّ صید البحر وطعامه للإنسان لیتمتَّع به، قال الله تعالی:

﴿ أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَکُمْ وَلِلسَّیَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ[46].

 

ومِن علامات الساعة الکبری تسجیر البحار، مع أن النار والماء من الأضداد ولا یجتمعان معًا! مع ذلک إذا أراد الله تدمیرَ العالم جمَع بینهما وجعل هذا الأمر من الأمارات الکبری للساعة، قال الله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ[47].

 

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبل یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ قال: قالت الجنُّ للإنس: نحن نأتیکم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هی نار تأجَّج؛ قال: فبینما هم کذلک إذ تصدَّعتِ الأرضُ صدعةً واحدة إلى الأرض السابعة السُّفلى، وإلى السماء السابعة العلیا، قال: فبینما هم کذلک إذ جاءتهم الرِّیح فأماتتهم"[48].

 

وقال سفیان رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "أوقدت"[49].

وقال الربیع بن خثیم رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فاضت"[50].

وقال الضحَّاک رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فُجِّرت"[51].

یؤیِّده قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ[52].

وقال قتادة رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "ذهب ماؤها فلم یبق فیها قطرة"[53].

 

وروی أیضًا عنه: "غار ماؤها فذهب"[54].

وقال مجاهد ومقاتل والضحَّاک رحمهم الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "یعنی: فجر بعضها فی بعض العذب والملح فصارت البحور کلُّها بحرًا واحدًا"[55].

 

والذی أری أنه الصواب: هو أنَّ البحار تصبح فی البدایة مملوءةً، ثم تنفجر وتوقد نارًا، ثم تسیل علی الأرض وتحوی الأرض بکاملها، وبعد ذلک تصبح البحار بحرًا واحدًا، وعندئذ یختلط العَذْبُ بالملح الأُجاج، هکذا تکون نهایة البحار.

 

وقد أشار إلى هذا القول الطَّبری رحمه الله تعالى بقوله: "وأَوْلى الأقوال فی ذلک بالصواب قول من قال: معنى ذلک: مُلئتْ حتى فاضت، فانفجرت وسالت کما وصفها الله به فی الموضع الآخر، فقال: ﴿ وَإذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، والعرب تقول للنهر أو للرَّکیِّ المملوء: ماء مسجور..."[56].

 

العلامة الخامسة: إخراج الأرض أثقالها:

المراد بالأرض: "هی تطلق على الکوکب الذی یَعیش علیه الإنسان وهو ما یقابل السماء"[57].

والثِّقْلُ: واحد الأَثْقالِ، مثل: حِمْلٍ وأحمالٍ، ومنه قولهم: أعطه ثِقْلَهُ، أی: وزنَه[58].

والمراد بالأثقال، معناها: الأحمال الثقیلة، وإخراج الأرض أثقالها: ما فی جوفها من کنوز ودفائن وأموات[59].

 

إذا اقتربت الساعة أخرجتِ الأرض أثقالَها وألقت ما فیها وتخلَّت، قال الله تعالى:

﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا[60]، وقال الله تعالى:﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ[61].

 

أخرج مسلم[62] رحمه الله تعالى فی صحیحه عن أبی هریرة رضی الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله علیه وسلم: ((تَقِیءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ کَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَیَجِیءُ الْقَاتِلُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قَتَلْتُ، وَیَجِیءُ الْقَاطِعُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِی، وَیَجِیءُ السَّارِقُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قُطِعَتْ یَدِی، ثُمَّ یَدَعُونَهُ فَلَا یَأْخُذُونَ مِنْهُ شَیْئًا))[63].

 

وقال ابن عباس رضی الله تعالى عنهما فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "الموتى"[64].

وروی أیضًا عنه: "أموالها وکنوزها"[65].

 

وقال مجاهد رحمه الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾"مَن فی القبور"[66].

 

وقال الفرَّاء رحمه الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "لفظتْ ما فیها من ذهب أَوْ فضة أَوْ میِّت"[67].

 

وعن ابن أبی حاتم[68] وأبی اللیث السمرقندی والواحدی والبغوی رحمهم الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ بهذا المعنى[69].

 

وفسر الإمام قتادة رحمه الله تعالى قوله تعالى: ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ بإخراج الأرض أثقالها، بقوله: "أخرجت أثقالها وما فیها"[70].

 

ولا شک أنَّ قبل قیام الساعة تقیء الأرض ما فیها وتخرج أثقالها وتلقی ما فیها وتتخلَّى؛ وذلک من عجائب قدرته ومن علامات السَّاعة الکبرى.

 

وهذه الآیات السماویة والأرضیة التی تقدَّم البحث عنها، وتکون هذه العلامات قبل قیام الساعة وقربها، وبعد ذلک تقوم الساعة مباشرةً وعندئذ ترى العالم مدمرًا بعدما کان معمرًا، فسبحان الذی لا تنتهی ذاته وتبقى أبدًا بلا نهایة کما کان أزلًا بلا بدایة!



[1] راجع: مخطوطة الجمل معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن؛ لحسن عز الدین بن حسین ابن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (ج ب ل)، (1/ 304).

[2] مفردها الشنخابُ، وهو: أعلى الجبل، راجع: "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (شنخب)، (1/ 507).

[3] القارة: الجبل الصغیر، وقال اللحیانی: هو الجبیل الصغیر الأسود المنفرد شبه الأکمة راجع: "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (قور)، (5/ 121).

[4] الأکمة التَّل، وجمعها أکم، وإکام، وآکام؛ "المعجم الوسیط": (1/ 22).

[5] "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (ج ب ل)، (11/ 96).

[6] سورة الغاشیة: (17، 19).

[7] سورة النمل: (88).

[8] سورة التکویر: (3).

[9] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[10] تنویر المقباس من تفسیر ابن عباس، ینسب: لعبدالله بن عباس رضی الله عنهما (المتوفى: 68 هـ، (ص 502)، جمعه: مجد الدین أبو طاهر محمد بن یعقوب الفیروزَابادی (المتوفى: 817 هـ)، دار الکتب العلمیة لبنان، عدد الأجزاء: (1)، و"جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 240).

[11] "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 550)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 288).

[12] سورة الکهف: (47).

[13] القاع: المستوی من الأرض، جمعه قِیعَانٌ، وتصغیره: قُوَیْعٌ، "المفردات فی غریب القرآن"؛ للراغب الأصفهانی، (ص 688)، وقال الکواری: والقاعُ: الأرضُ الملساءُ بلا نباتٍ ولا بناءٍ؛ "تفسیر غریب القرآن"، لکاملة بنت محمد بن جاسم بن علی آل جهام الکواری، (رقم الآیة والسورة)، الناشر: دار بن حزم، الطبعة: الأولى، 2008 م، عدد الأجزاء: (1).

[14] الصَّفصف: المستوی من الأرض کأنه على صفٍّ واحدٍ، "المفردات فی غریب القرآن"؛ للراغب الأصفهانی، (ص 486).

[15] سورة طه: (105 - 107).

[16] ابن قتیبة (213 276 هـ = 828 889 م)، هو: عبدالله بن مسلم بن قتیبة، أبو محمد، الدینوری، من أئمة الأدب، ومن المصنِّفین المکثرین، عالم مشارک فی أنواع من العلوم؛ کاللغة والنحو وغریب القرآن ومعانیه وغریب الحدیث والشعر والفقه والأخبار وأیام الناس وغیر ذلک، سکن بغدادَ وحدَّث بها وولی قضاء دینور، من تصانیفه: (تأویل مختلف الحدیث)، (الإمامة والسیاسة)، و(غریب القرآن)، و(المسائل والأجوبة)، و(والمشتبه من الحدیث والقرآن).

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (13/ 296 302)، و"الأعلام"؛ للزرکلی، (4/ 137).

[17] "معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)،.

[18] سورة الواقعة: (5 6).

[19] سورة المزمل: (14).

[20] سورة القارعة: (5).

[21] سورة المعارج: (8، 9).

[22] سورة الواقعة: (4 - 6).

[23] سورة النبأ: (20).

[24] سورة المرسلات: (10).

[25] سورة طه: (105 - 107).

[26] "الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 288).

[27] "غریب القرآن"؛ لأبی محمد عبدالله بن مسلم بن قتیبة الدینوری (المتوفى: 276هـ)، (ص 441)، المحقق: سعید اللحام.

[28] سورة التکویر: (4).

[29] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[30] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 240).

[31] الثعلبی (؟ 427 هـ = ؟ 1035 م)، هو: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهیم الثعلبی، النیسابوری، المفسِّر المشهور، کان أوحَد زمانه فی علم التفسیر، وصنَّف (التفسیر الکبیر) الذی فاق غیره من التفاسیر، وقال السمعانی: یقال له: الثعلبی والثعالبی، وهو لقَب لا نسَب، روى عن جماعة، وکان حافظًا عالمًا بارعًا فی العربیة موثَّقًا، أخذ عنه أبو الحسن الواحدی، وذکره عبدالغفار بن إسماعیل الفارسی فی (تاریخ نیسابور) وأثنى علیه وقال: وهو صحیح النقل موثوق به، حدَّث عن أبی طاهر بن خزیمة، والإمام أبی بکر بن مهران المقرئ، وکان کثیرَ الحدیث کثیر الشیوخ، توفی سنة سبع وعشرین وأربعمائة.

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (17/ 435 437)، ومقدمة تفسیره، (ص 5)، والأعلام للزرکلی، (1/ 212).

[32] "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137).

[33] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (وح ش)، (5/ 200).

[34] سورة التکویر: (5).

[35] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[36] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 241)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 331).

[37] أورده الثعلبی فی تفسیره "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"، (10/ 137)، ومعانی القرآن للفراء، (3/ 239)، والبغوی فی تفسیره "معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"، (5/ 215)، وابن کثیر فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، (8/ 331)، ونسبوه إلى عکرمة.

[38] "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 550).

[39] الربیع بن خثیم (؟ 63، وقیل 61 هـ = ؟ 683 وقیل 681 م)، هو: الربیع بن خثیم بن عائذ بن عبدالله بن موهب بن منفذ الثوری، أبو یزید، الکوفی، روى عن النبی صلى الله علیه وسلم مرسلًا وعن عبدالله بن مسعود وعبدالرحمن بن أبی لیلى وأبی أیوب الأنصاری وغیرهم، وعنه ابنه عبدالله ومنذر الثوری والشعبی وغیرهم، قال عمرو بن مرة الشعبی: کان من معادن الصدق، وقال ابن حبان فی الثِّقات: أخباره فی الزُّهد والعبادة أشهر من أن یحتاج إلى الإغراق فی ذکره، قال العجلی: تابعی ثقة وکان خیارًا، وقال الشعبی: کان الربیع أشد أصحاب ابن مسعود ورعًا، وقال منذر والثوری: شهد مع علی صفِّین.

راجع: "الثقات"؛ لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التمیمی، أبو حاتم، الدارمی، البُستی (المتوفى: 354هـ)، (4/ 224 225)، طبع بإعانة: وزارة المعارف للحکومة العالیة الهندیة، تحت مراقبة: الدکتور محمد عبدالمعید خان مدیر دائرة المعارف العثمانیة، دائرة المعارف العثمانیة بحیدر آباد الدکن الهند، الطبعة: الأولى، 1393 هـ = 1973م، عدد الأجزاء: (9)، و"تاریخ الثقات"؛ لأبی الحسن أحمد بن عبدالله بن صالح العجلی الکوفی (المتوفى: 261هـ)، ص (154 - 156)، دار الباز، الطبعة: الطبعة الأولى 1405هـ 1984م، عدد الأجزاء: (1)، و"سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (4/ 258 262).

[40] "تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 331).

[41] "جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 242).

[42] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (ب ح ر)، (1/ 154).

[43] سورة إبراهیم: (32).

[44] سورة النحل: (14).

[45] سورة الجاثیة: (12).

[46] سورة المائدة: (96).

[47] سورة التکویر: (6).

[48] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19143)، (10/ 3402، 3403)، والطبری فی جامع البیان فی تأویل القرآن، (24/ 237)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215) و"الدر المنثور"؛ للسیوطی (8/ 427).

[49] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"الوجیز فی تفسیر الکتاب العزیز"؛ للواحدی، (ص1177)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[50] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[51] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[52] سورة الانفطار: (3).

[53] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19143)، (10/ 3403)، والطبری فی جامع البیان فی تأویل القرآن، (24/ 243)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[54] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 551)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215).

[55] "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[56] "جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 243).

[57] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (أ ر ض)، (1/ 74).

[58] الصحاح للجوهری، مادة: (ث ق ل)، (4/ 1647).

[59] المصدر السابق، مادة: (ث ق ل)، (1/ 284).

[60] سورة الزلزلة: (2).

[61] سورة الانشقاق: (3 - 5).

[62] مسلم (204 261 هـ = 820 875 م)، هو: الإمام الکبیر، الحافظ، المجود، الحجة، الصادق، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیری النیسابوری، أبو الحسین: حافظ، من أئمة المحدثین، ولد بنیسابور، ورحل إلى الحجاز ومصر والشام والعراق، وتوفی بظاهر نیسابور، أشهر کتبه (صحیح مسلم) جمع فیه اثنی عشر ألف حدیث، کتبها فی خمسة عشر سنة، وهو أحد الصحیحین المعول علیهما عند أهل السنة، فی الحدیث، وقد شرحه کثیرون، ومن کتبه (المسند الکبیر) رتبه على الرجال، و(الجامع) مرتَّب على الأبواب، و(الکنى والأسماء) و(الأفراد والوحدان) و(الأقران) و(مشایخ الثوری) و...

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (12/ 557 580)، و"الأعلام"؛ للزرکلی، (7/ 221 222).

[63] أخرجه مسلم فی صحیحه، کتاب الزکاة، بَابُ التَّرْغِیبِ فِی الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ لَا یُوجَدَ مَنْ یَقْبَلُهَا، رقم الحدیث: (1013)، (2/ 701).

[64] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 547).

[65] "تنویر المقباس من تفسیر ابن عباس"؛ لعبدالله بن عباس رضی الله عنهما، جمعه: الفیروزَابادی، (ص 516).

[66] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 548)، وأخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19434)، (10/ 3455).

[67] "معانی القرآن"؛ للفراء، (3/ 283).

[68] ابن أبی حاتم (240 327 هـ = 854 938 م)، هو: عبدالرحمن بن محمد بن أبی حاتم بن إدریس، شیخ الإسلام، أبو محمد التمیمی الحنظلی الرازی والحنظلی نسبة إلى درب حنظلة بالری من کبار حفَّاظ الحدیث، رحَل فی طلب الحدیث إلى البلاد مع أبیه وبعده، وأدرک الأسانیدَ العالیة، سمع أبا سعید الأشجَّ وابن وارة وأبا زرعة وخلائق بالأقالیم، وروى عنه کثیرون، کان إمامًا فی معرفة الرجال، قال أبو الولید الباجی: ابن أبی حاتم ثقة حافظ، ومن تصانیفه: (الجرح والتعدیل) وهو: کتاب یقضی له بالرُّتبة المتقنة فی الحفظ، و(التفسیر) عدة مجلدات، و(الرد على الجهمیة)، کما صنف فی الفقه واختلاف الصحابة والتابعین.

راجع: "شذرات الذهب فی أخبار من ذهب"؛ لعبدالحی بن أحمد بن محمد بن العماد العَکری الحنبلی، أبو الفلاح (المتوفى: 1089هـ)، (1/ 32 33)، حققه: محمود الأرناؤوط، خرج أحادیثه: عبدالقادر الأرناؤوط، دار ابن کثیر، دمشق بیروت، الطبعة: الأولى، 1406 هـ 1986 م، عدد الأجزاء: (11)، "الأعلام"؛ للزرکلی، (3/ 324).

[69] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19435)، (10/ 3455) و"بحر العلوم"؛ لأبی اللیث السمرقندی، (3/ 606) و"الوجیز فی تفسیر کتاب العزیز"؛ للواحدی، (ص1223) و"معالم التنزیل" للبغوی، (5/ 292).

[70] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 311).

علامات الساعة الکبری (الأرضیة)

علامات الساعة الکبری (الأرضیة)

الباحث: محمد طاهر قاسمی


العلامة الأولی: تسییر الجبال:

المراد بالجبل: کل ما ارتَفع عن الأرض إذا عظم وطال، وجمعه علی جبال"[1].

 

وقال ابن منظور رحمه الله تعالی: "الجَبَل اسم لکل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِیب[2] وأمَّا ما صغُر وانفرد فهو من القِنان والقُور[3] والأَکَم[4]، والجمع: أَجْبُل وأَجْبال وجِبال"[5].

 

وجعل الله الجبالَ من الآیات التی تنظر ویُتفکَّر ویتدبَّر فیها، قال الله تعالی:

﴿ أَفَلَا یَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ کَیْفَ خُلِقَتْ ﴾ -... - ﴿ وَإِلَى الْجِبَالِ کَیْفَ نُصِبَتْ[6].

 

وأثنی الله تعالی على نفسه فی کلِّ شیء صنَعه، ومنها الجبال بالإتقان؛ حیث یقول الله تعالی:

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِیَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِی أَتْقَنَ کُلَّ شَیْءٍ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ[7].

 

فإذا أراد الله تعالی انتهاءَ هذا النِّظام بقیام الساعة، سیجعل تسییر الجبال مِن علامتها الکبری، قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ[8].

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... فبینما هم کذلک، إذ وقعت الجبالُ على وجه الأرض، فتحرَّکتْ واضطربت واحترقت، وفزِعتِ الجنُّ إلى الإنس، والإنس إلى الجنِّ..."[9].

 

وقال ابن عباس رضی الله تعالی عنهما ومجاهد رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ} "ذهبت عن وجه الأرض"[10].

 

وقال أبو اللیث السمرقندی والقرطبی رحمهما الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: {وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ} "قُلعت عن الأرض وسُیِّرت فی الهواء"[11].

 

واستدلًا بقوله تعالی: ﴿ وَیَوْمَ نُسَیِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً...[12].

قال ابن کثیر رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ ﴾ "زَالَتْ عَنْ أَمَاکِنِهَا ونُسِفتْ، فَتَرَکَتِ الْأَرْضَ قَاعًا صَفْصَفًا.

 

کأنه استدلَّ بقوله تعالی: ﴿وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ یَنْسِفُهَا رَبِّی نَسْفًا * فَیَذَرُهَا قَاعًا[13] صَفْصَفًا[14] * لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا[15].

 

وقال البغوی وابن قتیبة[16] رحمهما الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُیِّرَتْ ﴾ قالا: "عَن وَجْهِ الْأَرْضِ فَصَارَتْ هَبَاءً منبثًّا"[17].

 

کأنهما استدلَّا بقوله تعالی: ﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَکَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا[18].

 

هولاء کل واحد منهم فَسَّر تسییر الجبال بمرحلة مِن مراحلها، والحق أن لتسییر الجبال مراحل، وإلیک بیان مراحله:

الأول من مراحل التسییر، تسییر الجبال من الحجارة بالکثیب المهیل، قال الله تعالی:

﴿ یَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَکَانَتِ الْجِبَالُ کَثِیبًا مَهِیلًا[19].

 

والمرحلة الثانیة من مراحل التسییر، تصبح بعد ذلک کالعِهْن المنفوش، کما قال الله تعالی:

﴿ وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ[20]، وقال تعالی:﴿ یَوْمَ تَکُونُ السَّمَاءُ کَالْمُهْلِ * وَتَکُونُ الْجِبَالُ کَالْعِهْنِ[21].

 

والمرحلة الثالثة من مراحله، تصبح بعدها بسًّا وهباء منبثًّا ومنثورًا، قال الله تعالی:

﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَکَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا[22].

 

والمرحلة الرابعة - بعد ذلک - تصبح الجبال سرابًا، قال الله تعالی:

﴿ وَسُیِّرَتِ الْجِبَالُ فَکَانَتْ سَرَابًا[23].

 

وفی النهایة بعد نَسْف الجبال، تصبح الأرض قاعًا صفصفًا لا ترى فیها عوجًا ولا أمتًا، کما قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ[24]، وقال تعالی: ﴿ وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ یَنْسِفُهَا رَبِّی نَسْفًا * فَیَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا[25].

 

وقد أشار العلَّامة القرطبی رحمه الله تعالی إلی هذه المراحل بقوله: "سَیْرُهَا تَحَوُّلُهَا عَنْ مَنْزِلَةِ الْحِجَارَةِ، فَتَکُونُ کَثِیبًا مَهِیلًا، أَیْ: رَمْلًا سَائِلًا وَتَکُونُ کَالْعِهْنِ، وَتَکُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَتَکُونُ سَرَابًا، مِثْلَ السَّرَابِ الَّذِی لَیْسَ بِشَیْءٍ، وَعَادَتِ الْأَرْضُ قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِیهَا عِوَجًا وَلَا أمتا"[26].

 

والعلامة الثانیة: تعطیل العشار:

والمراد بالعِشار من الإبل: هی الحوامل، واحدتها: (عشراء)، وهی: التی أتى علیها فی الحمل عشرة أشهر، ثم لا یزال ذلک اسمها حتى تضع وبعدما تضع[27].

 

ومِن أمارات قرب الساعة تعطیل العشار، قال الله تعالی:

﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ[28].

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ قال: أهملها أهلُها..."[29].

 

وقال مجاهد رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "سُیِّبت: تُرِکت"[30].

 

وقال الثعلبی[31] رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ "عُطِّلَتْ سیِّبتْ وأُهملتْ، ترَکها أربابُها وکانوا لأذنابها فلم تُرکب ولم تُحلب، ولم یکن فی الدنیا مال أعجب إلیهم منها؛ لإتیان ما یشغلهم عنها"[32].

 

نعم، عند ذلک یَنسی المرء ما لدیه من أعزِّ أمواله لشدَّة الأهوال، ویترک العشار و... ویهمل ما کان عنده من المواشی والأموال هکذا.

 

العلامة الثالثة: حشر الوحوش:

الوحوش: جمع الوحش.

والمراد بالوحش: "هو حیوان البرِّ الذی لیس فی طبعه الاستئناس ببنی أدم"[33].

 

ومِن العجائب التی تَحدث فی ذلک الوقت حَشْر الوحوش والطیور ومن الصحاری والجبال والغابات و... علی خلاف الطَّبع مع البعض الذی کان یفرُّ منه من قبل؛ وذلک لشدَّة الهول، قال الله تبارک وتعالی:

﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ[34].

 

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبلَ یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... واختلطت الدوابُّ والطَّیرُ والوحش، وماجوا بعضهم فی بعض ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: اختلطت..."[35].

 

قال ابن عباس رضی الله تعالی عنهما فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ قال: "حَشْرُ البهائم: موتها، وحشر کل شیء: الموت، غیر الجنِّ والإنس، فإنهما یوقفان یوم القیامة"[36].

 

وقال عکرمة رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "حشرها: موتها"[37].

 

وقال أبو اللیث السمرقندی رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "جُمِعَتْ"[38].

 

وقال الرَّبِیع بن خُثَیم[39] رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾ "قَالَ: أَتَى عَلَیْهَا أَمْرُ اللَّهِ"[40].

 

والحقُّ أن کلَّ مفسِّر أشار فی تفسیره إلی مرحلة مِن مراحل حشر الوحوش وعاقبتها، کما عرفت ممَّا تقدم أنَّ من قال: بالاختلاط، هذه فی البدایة، ثمَّ تموت وبعد الموت یکون جمعُها وذلک لإقامة القصاص بینها؛ لأن الحشر یأتی علی المعانی المذکورة.

 

وأشار الطبریُّ رحمه الله تعالی إلی الجمع بین الأقوال بقوله: "وأولى الأقوال فی ذلک بالصواب قول مَن قال: معنى حُشرتْ: جُمعتْ، فأمیتت لأن المعروف فی کلام العرب من معنى الحشر: الجمع، ومنه قول الله: ﴿ وَالطَّیْرَ مَحْشُورَةً ﴾، یعنی: مجموعة، وقوله: ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى ﴾، وإنَّما یحمل تأویل القرآن على الأغلب الظاهر من تأویله، لا على الأنکر المجهول"[41].

 

العلامة الرابعة: تسجیر البحار:

البحر، جمعه بحار وأبحر وبحور.

والمراد بالبحر: "الماء الکثیر ملحًا کان أو عذبًا، وقد غلب على الملح حتى قل فی العذب"[42].

 

إن الله سخَّر البحار والأنهار للإنسان لتجری الفلک فیها بأمره ولیبتغوا من فضله، قال الله تعالی:

﴿ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَکُمْ وَسَخَّرَ لَکُمُ الْفُلْکَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَکُمُ الْأَنْهَارَ[43]، وقال تعالی: ﴿ وَهُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْکُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِیًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْکَ مَوَاخِرَ فِیهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ[44]، وقال تعالی: ﴿ اللَّهُ الَّذِی سَخَّرَ لَکُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِیَ الْفُلْکُ فِیهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ[45].

 

وإنَّ الله أحلَّ صید البحر وطعامه للإنسان لیتمتَّع به، قال الله تعالی:

﴿ أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَکُمْ وَلِلسَّیَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ[46].

 

ومِن علامات الساعة الکبری تسجیر البحار، مع أن النار والماء من الأضداد ولا یجتمعان معًا! مع ذلک إذا أراد الله تدمیرَ العالم جمَع بینهما وجعل هذا الأمر من الأمارات الکبری للساعة، قال الله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ[47].

 

قال أبیُّ بن کعب رضی الله تعالی عنه: "ستُّ آیات قبل یوم القیامة: بینا الناس فی أسواقهم... ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ قال: قالت الجنُّ للإنس: نحن نأتیکم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هی نار تأجَّج؛ قال: فبینما هم کذلک إذ تصدَّعتِ الأرضُ صدعةً واحدة إلى الأرض السابعة السُّفلى، وإلى السماء السابعة العلیا، قال: فبینما هم کذلک إذ جاءتهم الرِّیح فأماتتهم"[48].

 

وقال سفیان رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "أوقدت"[49].

وقال الربیع بن خثیم رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فاضت"[50].

وقال الضحَّاک رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "فُجِّرت"[51].

یؤیِّده قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ[52].

وقال قتادة رحمه الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "ذهب ماؤها فلم یبق فیها قطرة"[53].

 

وروی أیضًا عنه: "غار ماؤها فذهب"[54].

وقال مجاهد ومقاتل والضحَّاک رحمهم الله تعالی فی تفسیر قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ "یعنی: فجر بعضها فی بعض العذب والملح فصارت البحور کلُّها بحرًا واحدًا"[55].

 

والذی أری أنه الصواب: هو أنَّ البحار تصبح فی البدایة مملوءةً، ثم تنفجر وتوقد نارًا، ثم تسیل علی الأرض وتحوی الأرض بکاملها، وبعد ذلک تصبح البحار بحرًا واحدًا، وعندئذ یختلط العَذْبُ بالملح الأُجاج، هکذا تکون نهایة البحار.

 

وقد أشار إلى هذا القول الطَّبری رحمه الله تعالى بقوله: "وأَوْلى الأقوال فی ذلک بالصواب قول من قال: معنى ذلک: مُلئتْ حتى فاضت، فانفجرت وسالت کما وصفها الله به فی الموضع الآخر، فقال: ﴿ وَإذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾، والعرب تقول للنهر أو للرَّکیِّ المملوء: ماء مسجور..."[56].

 

العلامة الخامسة: إخراج الأرض أثقالها:

المراد بالأرض: "هی تطلق على الکوکب الذی یَعیش علیه الإنسان وهو ما یقابل السماء"[57].

والثِّقْلُ: واحد الأَثْقالِ، مثل: حِمْلٍ وأحمالٍ، ومنه قولهم: أعطه ثِقْلَهُ، أی: وزنَه[58].

والمراد بالأثقال، معناها: الأحمال الثقیلة، وإخراج الأرض أثقالها: ما فی جوفها من کنوز ودفائن وأموات[59].

 

إذا اقتربت الساعة أخرجتِ الأرض أثقالَها وألقت ما فیها وتخلَّت، قال الله تعالى:

﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا[60]، وقال الله تعالى:﴿ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ[61].

 

أخرج مسلم[62] رحمه الله تعالى فی صحیحه عن أبی هریرة رضی الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله علیه وسلم: ((تَقِیءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ کَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَیَجِیءُ الْقَاتِلُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قَتَلْتُ، وَیَجِیءُ الْقَاطِعُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِی، وَیَجِیءُ السَّارِقُ فَیَقُولُ: فِی هَذَا قُطِعَتْ یَدِی، ثُمَّ یَدَعُونَهُ فَلَا یَأْخُذُونَ مِنْهُ شَیْئًا))[63].

 

وقال ابن عباس رضی الله تعالى عنهما فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "الموتى"[64].

وروی أیضًا عنه: "أموالها وکنوزها"[65].

 

وقال مجاهد رحمه الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾"مَن فی القبور"[66].

 

وقال الفرَّاء رحمه الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ "لفظتْ ما فیها من ذهب أَوْ فضة أَوْ میِّت"[67].

 

وعن ابن أبی حاتم[68] وأبی اللیث السمرقندی والواحدی والبغوی رحمهم الله تعالى فی تفسیر قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ بهذا المعنى[69].

 

وفسر الإمام قتادة رحمه الله تعالى قوله تعالى: ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِیهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ بإخراج الأرض أثقالها، بقوله: "أخرجت أثقالها وما فیها"[70].

 

ولا شک أنَّ قبل قیام الساعة تقیء الأرض ما فیها وتخرج أثقالها وتلقی ما فیها وتتخلَّى؛ وذلک من عجائب قدرته ومن علامات السَّاعة الکبرى.

 

وهذه الآیات السماویة والأرضیة التی تقدَّم البحث عنها، وتکون هذه العلامات قبل قیام الساعة وقربها، وبعد ذلک تقوم الساعة مباشرةً وعندئذ ترى العالم مدمرًا بعدما کان معمرًا، فسبحان الذی لا تنتهی ذاته وتبقى أبدًا بلا نهایة کما کان أزلًا بلا بدایة!



[1] راجع: مخطوطة الجمل معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن؛ لحسن عز الدین بن حسین ابن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (ج ب ل)، (1/ 304).

[2] مفردها الشنخابُ، وهو: أعلى الجبل، راجع: "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (شنخب)، (1/ 507).

[3] القارة: الجبل الصغیر، وقال اللحیانی: هو الجبیل الصغیر الأسود المنفرد شبه الأکمة راجع: "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (قور)، (5/ 121).

[4] الأکمة التَّل، وجمعها أکم، وإکام، وآکام؛ "المعجم الوسیط": (1/ 22).

[5] "لسان العرب"؛ لابن منظور، مادة: (ج ب ل)، (11/ 96).

[6] سورة الغاشیة: (17، 19).

[7] سورة النمل: (88).

[8] سورة التکویر: (3).

[9] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[10] تنویر المقباس من تفسیر ابن عباس، ینسب: لعبدالله بن عباس رضی الله عنهما (المتوفى: 68 هـ، (ص 502)، جمعه: مجد الدین أبو طاهر محمد بن یعقوب الفیروزَابادی (المتوفى: 817 هـ)، دار الکتب العلمیة لبنان، عدد الأجزاء: (1)، و"جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 240).

[11] "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 550)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 288).

[12] سورة الکهف: (47).

[13] القاع: المستوی من الأرض، جمعه قِیعَانٌ، وتصغیره: قُوَیْعٌ، "المفردات فی غریب القرآن"؛ للراغب الأصفهانی، (ص 688)، وقال الکواری: والقاعُ: الأرضُ الملساءُ بلا نباتٍ ولا بناءٍ؛ "تفسیر غریب القرآن"، لکاملة بنت محمد بن جاسم بن علی آل جهام الکواری، (رقم الآیة والسورة)، الناشر: دار بن حزم، الطبعة: الأولى، 2008 م، عدد الأجزاء: (1).

[14] الصَّفصف: المستوی من الأرض کأنه على صفٍّ واحدٍ، "المفردات فی غریب القرآن"؛ للراغب الأصفهانی، (ص 486).

[15] سورة طه: (105 - 107).

[16] ابن قتیبة (213 276 هـ = 828 889 م)، هو: عبدالله بن مسلم بن قتیبة، أبو محمد، الدینوری، من أئمة الأدب، ومن المصنِّفین المکثرین، عالم مشارک فی أنواع من العلوم؛ کاللغة والنحو وغریب القرآن ومعانیه وغریب الحدیث والشعر والفقه والأخبار وأیام الناس وغیر ذلک، سکن بغدادَ وحدَّث بها وولی قضاء دینور، من تصانیفه: (تأویل مختلف الحدیث)، (الإمامة والسیاسة)، و(غریب القرآن)، و(المسائل والأجوبة)، و(والمشتبه من الحدیث والقرآن).

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (13/ 296 302)، و"الأعلام"؛ للزرکلی، (4/ 137).

[17] "معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)،.

[18] سورة الواقعة: (5 6).

[19] سورة المزمل: (14).

[20] سورة القارعة: (5).

[21] سورة المعارج: (8، 9).

[22] سورة الواقعة: (4 - 6).

[23] سورة النبأ: (20).

[24] سورة المرسلات: (10).

[25] سورة طه: (105 - 107).

[26] "الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 288).

[27] "غریب القرآن"؛ لأبی محمد عبدالله بن مسلم بن قتیبة الدینوری (المتوفى: 276هـ)، (ص 441)، المحقق: سعید اللحام.

[28] سورة التکویر: (4).

[29] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[30] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 240).

[31] الثعلبی (؟ 427 هـ = ؟ 1035 م)، هو: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهیم الثعلبی، النیسابوری، المفسِّر المشهور، کان أوحَد زمانه فی علم التفسیر، وصنَّف (التفسیر الکبیر) الذی فاق غیره من التفاسیر، وقال السمعانی: یقال له: الثعلبی والثعالبی، وهو لقَب لا نسَب، روى عن جماعة، وکان حافظًا عالمًا بارعًا فی العربیة موثَّقًا، أخذ عنه أبو الحسن الواحدی، وذکره عبدالغفار بن إسماعیل الفارسی فی (تاریخ نیسابور) وأثنى علیه وقال: وهو صحیح النقل موثوق به، حدَّث عن أبی طاهر بن خزیمة، والإمام أبی بکر بن مهران المقرئ، وکان کثیرَ الحدیث کثیر الشیوخ، توفی سنة سبع وعشرین وأربعمائة.

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (17/ 435 437)، ومقدمة تفسیره، (ص 5)، والأعلام للزرکلی، (1/ 212).

[32] "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137).

[33] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (وح ش)، (5/ 200).

[34] سورة التکویر: (5).

[35] سبق تخریجه فی صفحة (85).

[36] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 241)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 331).

[37] أورده الثعلبی فی تفسیره "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"، (10/ 137)، ومعانی القرآن للفراء، (3/ 239)، والبغوی فی تفسیره "معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"، (5/ 215)، وابن کثیر فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، (8/ 331)، ونسبوه إلى عکرمة.

[38] "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 550).

[39] الربیع بن خثیم (؟ 63، وقیل 61 هـ = ؟ 683 وقیل 681 م)، هو: الربیع بن خثیم بن عائذ بن عبدالله بن موهب بن منفذ الثوری، أبو یزید، الکوفی، روى عن النبی صلى الله علیه وسلم مرسلًا وعن عبدالله بن مسعود وعبدالرحمن بن أبی لیلى وأبی أیوب الأنصاری وغیرهم، وعنه ابنه عبدالله ومنذر الثوری والشعبی وغیرهم، قال عمرو بن مرة الشعبی: کان من معادن الصدق، وقال ابن حبان فی الثِّقات: أخباره فی الزُّهد والعبادة أشهر من أن یحتاج إلى الإغراق فی ذکره، قال العجلی: تابعی ثقة وکان خیارًا، وقال الشعبی: کان الربیع أشد أصحاب ابن مسعود ورعًا، وقال منذر والثوری: شهد مع علی صفِّین.

راجع: "الثقات"؛ لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التمیمی، أبو حاتم، الدارمی، البُستی (المتوفى: 354هـ)، (4/ 224 225)، طبع بإعانة: وزارة المعارف للحکومة العالیة الهندیة، تحت مراقبة: الدکتور محمد عبدالمعید خان مدیر دائرة المعارف العثمانیة، دائرة المعارف العثمانیة بحیدر آباد الدکن الهند، الطبعة: الأولى، 1393 هـ = 1973م، عدد الأجزاء: (9)، و"تاریخ الثقات"؛ لأبی الحسن أحمد بن عبدالله بن صالح العجلی الکوفی (المتوفى: 261هـ)، ص (154 - 156)، دار الباز، الطبعة: الطبعة الأولى 1405هـ 1984م، عدد الأجزاء: (1)، و"سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (4/ 258 262).

[40] "تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 331).

[41] "جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 242).

[42] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (ب ح ر)، (1/ 154).

[43] سورة إبراهیم: (32).

[44] سورة النحل: (14).

[45] سورة الجاثیة: (12).

[46] سورة المائدة: (96).

[47] سورة التکویر: (6).

[48] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19143)، (10/ 3402، 3403)، والطبری فی جامع البیان فی تأویل القرآن، (24/ 237)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215) و"الدر المنثور"؛ للسیوطی (8/ 427).

[49] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"الوجیز فی تفسیر الکتاب العزیز"؛ للواحدی، (ص1177)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 137)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[50] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[51] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[52] سورة الانفطار: (3).

[53] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19143)، (10/ 3403)، والطبری فی جامع البیان فی تأویل القرآن، (24/ 243)، و"الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 332)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[54] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 243)، "بحر العلوم"؛ لأبِی اللیث السمرقندی، (3/ 551)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215).

[55] "الکشف والبیان عن تفسیر القرآن"؛ للثعلبی، (10/ 138)، و"معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"؛ للبغوی، (5/ 215)، و"الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (19/ 230).

[56] "جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لابن جریر الطبری، (24/ 243).

[57] "مخطوطة الجمل؛ معجم وتفسیر لغوی لکلمات القرآن"؛ لحسن عز الدین بن حسین بن عبدالفتاح أحمد الجمل، مادة: (أ ر ض)، (1/ 74).

[58] الصحاح للجوهری، مادة: (ث ق ل)، (4/ 1647).

[59] المصدر السابق، مادة: (ث ق ل)، (1/ 284).

[60] سورة الزلزلة: (2).

[61] سورة الانشقاق: (3 - 5).

[62] مسلم (204 261 هـ = 820 875 م)، هو: الإمام الکبیر، الحافظ، المجود، الحجة، الصادق، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیری النیسابوری، أبو الحسین: حافظ، من أئمة المحدثین، ولد بنیسابور، ورحل إلى الحجاز ومصر والشام والعراق، وتوفی بظاهر نیسابور، أشهر کتبه (صحیح مسلم) جمع فیه اثنی عشر ألف حدیث، کتبها فی خمسة عشر سنة، وهو أحد الصحیحین المعول علیهما عند أهل السنة، فی الحدیث، وقد شرحه کثیرون، ومن کتبه (المسند الکبیر) رتبه على الرجال، و(الجامع) مرتَّب على الأبواب، و(الکنى والأسماء) و(الأفراد والوحدان) و(الأقران) و(مشایخ الثوری) و...

راجع: "سیر أعلام النبلاء"؛ للذهبی، (12/ 557 580)، و"الأعلام"؛ للزرکلی، (7/ 221 222).

[63] أخرجه مسلم فی صحیحه، کتاب الزکاة، بَابُ التَّرْغِیبِ فِی الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ لَا یُوجَدَ مَنْ یَقْبَلُهَا، رقم الحدیث: (1013)، (2/ 701).

[64] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 547).

[65] "تنویر المقباس من تفسیر ابن عباس"؛ لعبدالله بن عباس رضی الله عنهما، جمعه: الفیروزَابادی، (ص 516).

[66] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 548)، وأخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19434)، (10/ 3455).

[67] "معانی القرآن"؛ للفراء، (3/ 283).

[68] ابن أبی حاتم (240 327 هـ = 854 938 م)، هو: عبدالرحمن بن محمد بن أبی حاتم بن إدریس، شیخ الإسلام، أبو محمد التمیمی الحنظلی الرازی والحنظلی نسبة إلى درب حنظلة بالری من کبار حفَّاظ الحدیث، رحَل فی طلب الحدیث إلى البلاد مع أبیه وبعده، وأدرک الأسانیدَ العالیة، سمع أبا سعید الأشجَّ وابن وارة وأبا زرعة وخلائق بالأقالیم، وروى عنه کثیرون، کان إمامًا فی معرفة الرجال، قال أبو الولید الباجی: ابن أبی حاتم ثقة حافظ، ومن تصانیفه: (الجرح والتعدیل) وهو: کتاب یقضی له بالرُّتبة المتقنة فی الحفظ، و(التفسیر) عدة مجلدات، و(الرد على الجهمیة)، کما صنف فی الفقه واختلاف الصحابة والتابعین.

راجع: "شذرات الذهب فی أخبار من ذهب"؛ لعبدالحی بن أحمد بن محمد بن العماد العَکری الحنبلی، أبو الفلاح (المتوفى: 1089هـ)، (1/ 32 33)، حققه: محمود الأرناؤوط، خرج أحادیثه: عبدالقادر الأرناؤوط، دار ابن کثیر، دمشق بیروت، الطبعة: الأولى، 1406 هـ 1986 م، عدد الأجزاء: (11)، "الأعلام"؛ للزرکلی، (3/ 324).

[69] أخرجه ابن أبی حاتم فی تفسیره "تفسیر القرآن العظیم"، رقم الحدیث: (19435)، (10/ 3455) و"بحر العلوم"؛ لأبی اللیث السمرقندی، (3/ 606) و"الوجیز فی تفسیر کتاب العزیز"؛ للواحدی، (ص1223) و"معالم التنزیل" للبغوی، (5/ 292).

[70] أخرجه الطبری فی تفسیره "جامع البیان فی تأویل القرآن"، (24/ 311).