وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی
وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

وبلاگ رسمی دکتور محمد طاهر قاسمی

باز تابی از آثار علمی و تحقیقی اندیشمند جوان افغان به زبان های عربی و فارسی

یوم القیامة وأهواله

یوم القیامة وأهواله

الباحث: محمد طاهر قاسمی

یوم القیامة یوم عظیمٌ أمره، شدیدٌ هوله، لا یلاقی العباد مثلَه، ویدلُّ على عظم هوله أمور:

الأول: وصفُ الله لذلک الیوم بالعظم، وحسبنا أن ربَّنا وصفه بذلک، لیکون أعظم مما نتصوَّر، وأکبر مما نتخیَّل، قال الله تعالى: ﴿ أَلَا یَظُنُّ أُولَئِکَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِیَوْمٍ عَظِیمٍ * یَوْمَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِینَ[1]، کما وصفه بالثقل والعسر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاء یُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَیَذَرُونَ وَرَاءهُمْ یَوْمًا ثَقِیلًا[2]، وقال تعالى: ﴿ فَذَلِکَ یَوْمَئِذٍ یَوْمٌ عَسِیرٌ * عَلَى الْکَافِرِینَ غَیْرُ یَسِیرٍ[3].

 

ووصف فی موضع آخر ما یصیب القلوبَ والأبصار فی ذلک الیوم، قال الله تعالى: ﴿ قُلُوبٌ یَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ[4]، وقال تعالى: ﴿ یَخَافُونَ یَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ[5].

 

الثانی: کل إنسان فی ذلک الیوم یهتمُّ بنفسه، ولا یلتفتُ إلى غیره؛ بل إن الإنسان یفرُّ مِن أحبِّ الناس إلیه، یفرُّ من أخیه وأمِّه وأبیه وصاحبتِه وبَنیه، کما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * یَوْمَ یَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِیهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِیهِ * لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ یَوْمَئِذٍ شَأْنٌ یُغْنِیهِ[6]، کما تنقطع علائقُ الأنساب فی ذلک الیوم، کما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِی الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ وَلَا یَتَسَاءَلُونَ[7].

 

وقال فی موضعٍ آخر: ﴿ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمْ وَاخْشَوْا یَوْمًا لَا یَجْزِی وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَیْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ[8]، وقال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا یَوْمًا لَا تَجْزِی نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَیْئًا وَلا یُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا یُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ یُنْصَرُونَ[9].

 

الثالث: الرُّعْب والفزَع الذی یصیب العبادَ فی ذلک الیوم؛ فالمرضع التی تفدی ولیدها بنفسها تذهل عنه فی ذلک الیوم، والحامل تسقط حملها، والناس یکون حالهم کحال السکارى الذین فقَدوا عقولَهم، قال الله تعالى: ﴿ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَیْءٌ عَظِیمٌ * یَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ کُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ کُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُکَارَى وَمَا هُمْ بِسُکَارَى وَلَکِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِیدٌ[10].

 

ولشدَّة الهَوْل تَشخص أبصار الظلمة فی ذلک الیوم، فلا تطرف لشدَّة الرعب، ولا یلتفتون یمینًا ولا شمالًا، ولشدة الخوف تصبح أفئدتهم خالیةً لا تعی شیئًا ولا تعقل شیئًا، قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا یَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُمْ لِیَوْمٍ تَشْخَصُ فِیهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِینَ مُقْنِعِی رُءُوسِهِمْ لَا یَرْتَدُّ إِلَیْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ[11].

 

وترتفع قلوبُ الظالمین لشدَّة الهَوْل إلى حناجرهم، فلا تخرج، ولا تستقرُّ فی مکانها، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ کَاظِمِینَ[12]، ومعنى کاظمین، أی: ساکتین لا یتکلَّمون.

 

وحسبک أن تعلم أنَّ الولید الذی لم یرتکب جرمًا یشیب شَعرُ رأسه لشدَّة ما یرى من أهوال، قال الله تعالى: ﴿ فَکَیْفَ تَتَّقُونَ إِنْ کَفَرْتُمْ یَوْمًا یَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِیبًا * السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ کَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا[13].

 

الرابع: استعداد الکفَّار فی یوم الدِّین لبَذْل کل شیء فی سبیل الخلاص من العذاب، فلو کانوا یملکون ما فی الأرض لافتدوا به، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِکُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِی الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ[14]، بل لو کان للکافر ضعف ما فی الأرض لافتدى به، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِینَ لَمْ یَسْتَجِیبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِی الأَرْضِ جَمِیعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِکَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ[15]، بل هو على استعداد أن یبذل ما عنده ولو کان مِلْء الأرض ذهبًا، وعلى احتمال أن کان الأمر کذلک، فإنَّ الله لا یقبل منه، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ کُفَّارٌ فَلَن یُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِینَ[16].

 

ویصل الحال بالکافر فی ذلک الیوم أن یتمنَّى لو دَفَع بأعزِّ الناس عنده فی النار لینجو هو مِن العذاب، قال الله تعالى: ﴿ یَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ یَفْتَدِی مِنْ عَذَابِ یَوْمِئِذٍ بِبَنِیهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِیهِ * وَفَصِیلَتِهِ الَّتِی تُؤْویهِ * وَمَنْ فِی الْأَرْضِ جَمِیعًا ثُمَّ یُنْجِیهِ * کَلَّا إِنَّهَا لَظَى[17].

 

الخامس: ویدلُّک على هَوْل ذلک الیوم وشدَّته: طوله، قال الله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِکَةُ وَالرُّوحُ إِلَیْهِ فِی یَوْمٍ کَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِینَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِیلًا * إِنَّهُمْ یَرَوْنَهُ بَعِیدًا * وَنَرَاهُ قَرِیبًا[18].

 

ولِطول ذلک الیوم یظنُّ الناس فی یوم المعاد أنَّهم لم یلبثوا فی الحیاة الدنیا إلَّا ساعةً من نهار، کما قال تعالى: ﴿ وَیَوْمَ یَحْشُرُهُمْ کَأَنْ لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ[19].

 

وقال ابن کثیر فی تفسیره لهذه الآیة: "یقول تعالى مُذَکِّرًا لِلنَّاسِ قِیَامَ السَّاعَةِ وَحَشْرَهُمْ مِنْ أجداثهم إلى عرصات القیامة: وَیَوْمَ یَحْشُرُهُمْ الآیة، کقوله تعالى: ﴿ کَأَنَّهُمْ یَوْمَ یَرَوْنَهَا لَمْ یَلْبَثُوا إِلَّا عَشِیَّةً أَوْ ضُحَاهَا[20]"[21].

 

وقال الله تعالى: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا یَقُولُونَ إِذْ یَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِیقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا یَوْمًا[22]، وقال الله تعالى: ﴿ وَیَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ یُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَیْرَ سَاعَةٍ[23]، وهذا دلیل على استقصار الحیاة الدنیا فی الدار الآخرة، کقوله تعالى: ﴿ قَالَ کَمْ لَبِثْتُمْ فِی الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِینَ * قَالُوا لَبِثْنَا یَوْمًا أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّینَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا لَوْ أَنَّکُمْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[24].



[1] سورة المطففین: (4 - 6).

[2] سورة الإنسان: (27).

[3] سورة المدثر: (9، 10).

[4] سورة النازعات: (8، 9).

[5] سورة النور: (37).

[6] سورة عبس: (33 - 37).

[7] سورة المؤمنون: (101).

[8] سورة لقمان: (33).

[9] سورة البقرة: (48).

[10] سورة الحج: (1، 2).

[11] سورة إبراهیم: (42، 43).

[12] سورة غافر: (18).

[13] سورة المزمل: (17، 18).

[14] سورة یونس: (54).

[15] سورة الرعد: (18).

[16] سورة آل عمران: (91).

[17] سورة المعارج: (11 - 15).

[18] سورة المعارج: (4 - 7).

[19] سورة یونس: (45).

[20] سورة النازعات: (46).

[21] "تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (4/ 236).

[22] سورة طه: (104).

[23] سورة الروم: (55).

[24] سورة المؤمنون: (112 - 114).

نظرات 0 + ارسال نظر
امکان ثبت نظر جدید برای این مطلب وجود ندارد.