ما معنى: سرر مرفوعة

ما معنى: سرر مرفوعة

الباحث: محمد طاهر قاسمی

أُعدَّتْ قصور الجنة، وأماکن الجلوس فی حدائقها وبساتینها بألوان فاخرة رائعة من الفرش للجلوس والاتکاء ونحو ذلک، فالسُّرر کثیرة راقیة، والفُرُش عظیمة القدر، بطائنها من الإستبرق، فما بالک بظاهرها؟! وهناک ترى النَّمارق مصفوفة على نحوٍ یسرُّ الخاطر، ویبهج النفس، والزَّرابی مبثوثة على شکل منسق متکامل.

سرر أهل الجنة:

قال ابن فارس رحمه الله تعالى فی معنى المراد من السرر: "السِّینُ وَالرَّاءُ یَجْمَعُ فُرُوعَهُ إِخْفَاءُ الشَّیْءِ، وَمَا کَانَ مِنْ خَالِصِهِ وَمُسْتَقَرِّهِ، لَا یَخْرُجُ شَیْءٌ مِنْهُ عَنْ هَذَا...، وَأَمَّا الَّذِی ذَکَرْنَاهُ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ، فَالسَّرِیرُ، وَجَمْعُهُ سُرُرٌ وَأَسِرَّةٌ، وَالسَّرِیرُ: خَفْضُ الْعَیْشِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ یَسْتَقِرُّ عِنْدَهُ وَعِنْدَ دَعَتِهِ"[1].

الاستقرار على السرر المرفوعة من النعم التی أعد الله تعالى فی الجنة للمتقین من عباده؛ حیث قال تعالى: ﴿ فِیهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾[2].

قَالَ ابْن عَبَّاسٍ رضی الله تعالى عنهما فی تفسیر قوله تعالى: ﴿ فِیهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ ﴾ "أَلْوَاحُهَا مِنْ ذَهَبٍ مُکَلَّلَةٌ بِالزَّبَرْجَدِ وَالدُّرِّ وَالْیَاقُوتِ مُرْتَفِعَةٌ مَا لَمْ یَجِئ أَهْلُهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ یَجْلِسَ عَلَیْهَا تَوَاضَعَتْ لَهُ حَتَّى یَجْلِسَ عَلَیْهَا ثُمَّ تَرْتَفِعُ إِلَى مَوَاضِعِهَا"[3].

وقال الإمام ابن جریر الطبری رحمه الله تعالى فی تفسیر هذه الآیة: والسرر: "جمع سریر، مرفوعة لیرى المؤمن إذا جلس علیها جمیع ما خوَّله ربه من النعیم والملک فیها، ویلحق جمیع ذلک بصره"[4].

وقال الإمام ابن کثیر رحمه الله تعالى فی تفسیر هذه الآیة: "أَیْ: عَالِیَةٌ نَاعِمَةٌ کَثِیرَةُ الْفَرْشِ، مُرْتَفِعَةُ السمک، عَلَیْهَا الْحُورُ الْعِینُ، قَالُوا: فَإِذَا أَرَادَ وَلیُّ اللَّهِ أَنْ یَجْلِسَ عَلَى تِلْکَ السُّرُرِ الْعَالِیَةِ تَوَاضَعَتْ لَهُ"[5].

وقال القرطبی رحمه الله تعالى فی تفسیر هذه الآیة: "أَیْ عَالِیَةٌ، وَرُوِیَ أنه کان ارتفاعها قدر ما بین السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، لِیَرَى وَلِیُّ اللَّهِ مُلْکَهُ حَوْلَهُ"[6].

---

[1] معجم مقاییس اللغة، لابن فارس، مادة: (س ر ر)، (3/ 67 69).

[2] سورة الغاشیة: (13).

[3] أورده البغوی فی تفسیره "معالم التنزیل فی تفسیر القرآن"، ونسبه إلى ابن عباس، (5/ 245)، والواحدی فی تفسیره الوسیط فی تفسیر القرآن المجید، ونسبه أیضًا إلى ابن عباس، (4/ 475).

[4] "جامع البیان فی تأویل القرآن"؛ لمحمد بن جریر الطبری، (24/ 387).

[5] "تفسیر القرآن العظیم"؛ لابن کثیر، (8/ 386).

[6] "الجامع لأحکام القرآن"؛ للقرطبی، (20/ 33 34).

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/125697/#ixzz57tKXguTV